قوات حكمت الهجري… خنجر إسرائيلي في خاصرة جبل العرب

لم تكن السويداء يومًا ساحة خلفية ولم تكن نقطة ضعف في الجغرافيا السورية بل بقيت

ـ رغم ما أحاط بها من فوضى خلال سنوات الثورة محافظةً صامدة بهويتها متماسكة في مكونها الوطني واقفةً على الحياد في وجه الفتنة ومنيعة على كل مشاريع التقسيم.

لكن ما تشهده السويداء اليوم لم يعد مجرد اضطراب أمني محدود أو تجاذب محلي بل تحوّل إلى مشهد بالغ الخطورة يمثل تهديدًا مباشرًا لوحدة سوريا وسلامة ترابها الوطني تديره ميليشيا مسلحة تتبع لحكمت الهجري وتتحرك ضمن أجندة خارجية تتقاطع مع المصالح الإسرائيلية بوضوح لا لبس فيه.

– الانفصال باسم الحماية والاحتماء بسلاح الخيانة
تحاول هذه الجماعة تقديم نفسها كقوة حماية لأهالي الجبل لكنها في الواقع تمارس احتلالًا داخليًا وتفرض سلطتها بالسلاح وتعمل على تعطيل مؤسسات الدولة ومنع أي وجود شرعي لقوات الجيش والأمن في المحافظة.

تحت غطاء الحكم الذاتي تُبنى سلطة موازية معسكرة طائفية ومسلّحة ترتبط عمليًا وتكتيكيًا بجهات استخباراتية في الخارج وتستمد قوتها من السلاح والدعم الإسرائيلي وليس من أبناء المحافظة أو إرادة شعبها.

في الأيام الأخيرة بدأت هذه القوات بانتهاج سياسة التصعيد المسلح المباشر بدءًا من نصب الكمائن لقوافل الجيش السوري ومرورًا بتحدي صارخ لهيبة الدولة وانتهاءً بالتنسيق المكشوف مع الطيران الإسرائيلي الذي استهدف أرتال وزارة الدفاع وقوات الأمن العام في خرق واضح للسيادة السورية.

إن هذا المستوى من التواطؤ بين ميليشيا محلية وكيان الاحتلال ليس فقط خيانة صريحة بل هو محاولة تفكيك ممنهجة لوحدة الأرض السورية من داخلها هذه المرة.

– الغدر المتكرر ودماء الشرفاء

في مبادرات متعددة سعت الدولة السورية إلى تغليب لغة الحوار والتسويات وأبدت حرصًا على التهدئة مراعيةً الطابع الاجتماعي الحساس للمحافظة عُقدت اجتماعات ووساطات بمشاركة شخصيات من أبناء الجبل وتم التوصل إلى اتفاقات تقضي بانسحاب بعض القوات العسكرية مؤقتًا وتسليم السلاح تدريجيًا.

إلا أن قوات حكمت الهجري ردّت على هذه المبادرات بـغدر دموي جبان استهدفت عبره أرتال الجيش بعد انسحابها من مواقعها وقتلت وجرحت العديد من عناصر الأمن والجيش الذين لم يكونوا في مهمة هجومية بل كانوا ينفذون توجيهات القيادة بحفظ السلم الأهلي.

إن هذه الخيانة المتكررة لا تدع مجالًا للشك في أن هذه القوات لا تبحث عن حق ولا تمثل مظلومية بل تنفذ خطة لتقويض مؤسسات الدولة وفرض مشروع تقسيمي على حساب الوطن كله.

– الجيش السوري ليس أداة قمع بل صمام أمان

من الضروري في هذه اللحظة أن نعيد التأكيد على حقيقة جوهرية طالما حاول الإعلام المضلل تشويهها وهي أن الجيش العربي السوري ليس قوة قمع ولا مجموعة هواة حرب بل هو مؤسسة وطنية دستورية وركن أساسي في الدولة السورية.

أبناء الجيش السوري ليسوا آلات للقتل بل رجال نشأوا من نسيج هذا الشعب وأقسموا على حماية ترابه وصون أمنه وكرامته. وهم لا يدخلون أي مدينة أو قرية إلا لحمايتها ولا يطلقون رصاصة إلا في وجه من حمل السلاح ضد وطنه لا ضد أهله.

الجيش السوري في السويداء لا يحارب من أجل نفوذ بل من أجل أن لا تتحول المحافظة إلى منطقة نفوذ أجنبي ومن أجل أن لا تُختطف إرادة أهلها تحت سطوة السلاح ولا تُفرض عليهم هوية دخيلة.

والمفارقة أن كل قطرة دم سالت من جسد جندي سوري على تراب السويداء لم تكن دفاعًا عن موقع أو سلطة بل عن مستقبل سوريا الواحدة الموحّدة عن بقاء السويداء جزءًا من هذا الكيان الوطني الكبير لا إمارة خارجة ولا شريطًا حدوديًا تابعًا للعدو.

– السويداء لن تُختطف وأبناء الجبل لن يكونوا ورقة في يد أحد

ما يجب أن يعرفه الجميع في الداخل والخارج هو أن السويداء ليست للبيع وأبناء الجبل ليسوا قطع شطرنج على رقعة مشبوهة. هذه المحافظة العريقة التي أنجبت رجال المقاومة الأشداء منذ أيام سلطان باشا الأطرش لا يمكن أن ترضى أن تُدار اليوم من قبل ميليشيا مرتبطة بالعدو وتنفذ تعليمات تُكتب في تل أبيب.

أبناء السويداء الحقيقيون، وطنيون حتى النخاع يدركون أن ما يحاك لمحافظتهم ليس سوى خطوة أولى في مشروع تفكيك سوريا ويعون أن وجود الدولة والجيش هو الضمانة الوحيدة للاستقرار وحفظ الكرامة وليس السلاح المنفلت ولا الأوهام السياسية التي تُسوّق على أنها حكم ذاتي

– الكلمة الأخيرة للوطن

إن ما يجري في السويداء اليوم يجب أن يُفهم كما هو: تمرد مسلّح على الدولة تنفّذه ميليشيا عميلة بدعم وتنسيق مع العدو الإسرائيليً والرد عليه لا يجب أن يكون مجرّد محاولة لاحتواء الوضع بل معركة حاسمة لصون الكيان السوري من التفتت والانهيار.

الجيش السوري بتضحياته اليومية ليس فقط في السويداء بل على امتداد الأرض السورية يؤكد أن سوريا ستبقى واحدة موحّدة عصيّة على الانفصال وأن لا خنجر سيغرس في خاصرتها دون رد ولا مؤامرة ستنجح في تقسيمها ما دام هناك جندي واحد على قيد الحياة.

شارك المقال :

فيسبوك
واتسأب
تلجرام
اكس (تويتر)

مقالات قد تعجبك :

عقد مركز سوريا للدراسات والتنمية ندوة حوارية بعنوان “الموقف الأمريكي تجاه سوريا في ظل خطاب الرئيس السوري في الأمم المتحدة”…
التعصب القومي جدار عازل يُطفئ نور الأمة ويبعثر قوتها، أما العقيدة الجامعة فهي الجسر الذي يوحّد تنوعها ويُشعل حضارتها من…
تصعد تركيا ضد إسرائيل عبر مقاطعة تجارية ودبلوماسية نشطة ودعم قانوني دولي، كما تعزز نفوذها الإنساني والجيوسياسي وتدفع نحو إقامة…

القائمة