التفكير النقدي بين التحديات والضرورة في عالم اليوم

في واقع يحد من حرية الفرد في اختيار أفكاره ومعلوماته، ينشأ خلل في التفكير يعيق فهم الأحداث واتخاذ القرارات. لذا يصبح التساؤل النقدي وفحص الأدلة وراء كل فكرة أمرًا ضروريًا

لتحويل المعلومات المتداولة إلى معرفة دقيقة ومفيدة. وعندما يمتلك الفرد القدرة على التفكير النقدي، يمكنه مواجهة التحديات اليومية واتخاذ قرارات رشيدة، ما يعزز دوره في المجتمع

ويسهم في تقدمه وحل مشكلاته بوعي ومسؤولية.

 

المحور الأول: أهمية التفكير

سؤال البحث: ماذا علينا ان نفكر، لماذا التفكير مهم  ولماذا يعد  التفكير النقدي مهارة ضرورية في العصر الحديث؟

 

نحن داخل قوقعة من التفكير ضمن المسار الواحد الذي يجعلنا ننظر للأشياء من زاوية مؤثر غير متأثر او متأثر غبر مؤثر، كما يجعلنا نرى الأشياء معزولة عن محيطها، “وهذا يجعل مشاعرنا

وتقويماتنا ومواقفنا تجاه كل ما نفكر فيه ونتعامل معه مشوهة مختلة [1]وتلك النظرة دائما ما تجعلنا نطلق احكام غير منطقية وغير صحيحة

فكل طرف هو لا يكمل وجوده دون الطرف الاخر فهي عملية متكاملة، أي ان تلك النظرة على (المؤثر، المتأثر) ليست بالصائبة فمثلا علاقة المعلم والطالب في مكان التعليم هي ليست

عبارة عن طارح للفكرة وموجه لها ومستقبل بالطرف الاخر، هناك علاقة وجودية بينهم فلولا الطالب لم يوجد المعلم ولولا المعلم لما سمي طالب , هذا يأخذنا لتحليل تلك العلاقة بشكل

مفصل من خلال انه كلا الطرفين يحمل التأثير ويتأثر في ان واحد وسيتبين ذلك من خلال البحث

 

المحور الثاني: الأسباب وراء اختلاف التفكير

 

هناك دائما عدة أسباب تكمن وراء الاختلاف الفكري منها:

 

  • التركيب العقلي: “دائما نجد من يتمتع بقدرات عالية على صعيد الذاكرة في حين أيضا نجد ان هناك أناس تتمتع بقدرات عالية على صعيد الخيال او الملاحظة او التحليل والتركيب، وهذا التباين في القدرات العقلية يؤثر في فهمنا للتاريخ وادراكنا للواقع واستشرافنا للمستقبل

إضافة الى ذلك فان عقولنا مصابة بنوع من الارتباك والقصور الدائمين تجاه التفكير في (الصفات) او ما يسمى (الكيف) على حين انها تعمل بكفاءة عالية عند التفكير فيما هو من قبيل (الكم) مثل العدد والوزن ”

فإننا دائما ما نكون بين عدة خيارات في اعمال عقولنا او مقدراتنا العقلية في حياتنا كاملة فلا بد من ان يكون هناك فارق بين مكان ومكان وعمل واخر.. في استخدام كل تلك المقدرات ولكن السؤال يبقى حائرا ماذا لو كانت تلك المقدرات معطلة؟ وليس هناك من دافع للعمل على تصليحها وإعادة استخدامها؟ كيف يمكن لذلك العقل ان يعمل …؟

 

  • الخلفية الثقافية: ” للخلفية الثقافية والمعرفية تأثير كبير في طريقة ادراكنا للأشياء، وفي نوعية الاحكام التي نصدرها، وأعني هنا بالخلفية الثقافية مجموعة المسلمات والسلوكيات والمعتقدات والعادات والتقاليد والقيم السائدة في بيئة معينة “

لابد لذلك الاختلاف ان يكون موجود، إذا المعضلة هي ليست وجوده وانما كيفية التعامل معه فنحن حين ننظر الى كل ذاك الحجم من التنوع والتباين بيننا علينا ان ندرك انها مميزات تجعلنا ننطلق من ارضيات مختلفة ووجهات نظر عديدة ونطلق أيضا احكام مختلفة بناءا على تفسيرات متنوعة وتلك التفسيرات هي دائما ما تحتاج الى أسس وليست تفسيرات بناء على الرأي الشخصي فقط وذلك سوف نبحث به في المحاور القادمة

 

  • نظم اللغة: (اللغة وطن قبل ان تكون وعاء هوية، هوية ثقافية قبل ان تكون عرقية). إبراهيم الكوني[2]

عندما ندرك ان اللغة هي المفتاح الذي بين أيدينا وهي التي تساعدنا في بناء ذواتنا ومعرفة انفسنا وادراك وجودنا ودائما ما ننظر الى اللغة على انها احدى أسباب الاختلاف الفكري لإنها تتفاوت في أهميتها من فرد لفرد وترتبط اللغة بما فيها من رموز وتعابير بأنماط التفكير السائدة في المجتمع  , وما دامت اللغة هي الوسيلة الأرقى والأسمى للتعبير عن أفكار الإنسان وتوفير صلاته الاجتماعية مع محيطه وبيئته، فإن قدراته الكلامية وثراءه اللغوي وسلامة أسلوبه ومواءمته لمقتضى الحال تؤثر تأثيرا حقيقيا في غزارة فكره ورجاحة محاكماته وموازنته للأمور والمسائل من حوله، وتمثل رفدا أساسيا لسعة الفكر واتساع الأفق والاعتدال والاتزان والإنصاف في موازنة الأمور وتبيانها ومعالجتها، والعكس صحيح

 

  • فهم الواقع: إن الواقع بمعطياته المختلفة يشكل الغلاف الكامل لكل تحركات بني البشر على هذه الأرض ونحن افراد هذه الأرض دائما ما نبذل مجهودا كبيرا لفهم المجريات والاحداث من حولنا وكيفية حدوثها وما هي اثارها ونتائجها وكل ذلك يكون من خلال تفسيرات بحسب زوايا النظر المختلفة فالفلاح ينظر الى ظاهرة هطول الامطار نظرة مختلفة من ناحية الفائدة والنتيجة وانها كانت جزء مهم جدا بعمله ولا يكمل عمله دونها فيعطي لها تصنيف مميز بينما طالب المدرسة الذي عليه ان يمشي لمسافات أحيانا تكون طويلة ومتعبة واذا ترافق ذلك هطول الامطار فهو لا يكون من محبذين ذلك ولا يراها كما يراها الفلاح , وكل تلك الاختلافات تجعلنا أيضا نعطي تفسيرات من اختلاف أماكن وجودنا واعمالنا وتوجهاتنا لنفس الظواهر لدينا جميعا

نحن دوما نأخذ الصورة التي نراها في الواقع ونبني عليها تصوراتنا بينما استخدام العقل يكون ضعيف جدا، وهذا من الأخطاء التي نرتكبها بحق عقولنا، فاستخدامنا للعقل يجعلنا ندرك

حقيقة ما يجري دون إضافة ما نود ان نراه دون زيادة او نقصان وهذا ما يجعلنا نبني التحاليل والتصورات بشكل منطقي وبناء على استناديات، عندما لا ننظر لما نراد ان نراه

 

  • الخلط بين الأشخاص والأفكار: (إننا عندما نربط الأفكار بالأشخاص، نحرم أنفسنا من الفكرة الجيدة حين تأتي من الضد، ونتورط في الفكرة السخيفة طالما جاءت من صديق). مالك بن نبي [3]

فتقبل الفكرة لا يكمن فقط من حيث انها فكرة مجردة، غالبا ما يتم النظر حول تلك المكملات وهي من اين تم طرح الفكرة ومن صاحبها؟ وذلك يجعلنا متأثرين بشكل لا بأس به بالمصدر

الشخصي وليس الاستناد المعرفي والعلمي وذلك ما يسبب قصر في تعاملنا مع الفكرة والتحويل منها وما تحمله من معارف الى كيفية وصولها وهنا نقع في خطأ شائع ونأخذ بالفكرة

التي تأتينا من شخص محبب عندنا ولا نأخذ بغيرها بغض النظر عن صحة هذه او تلك

 

المحور الثالث: العوامل المؤثرة في التفكير

 

من العوامل المؤثرة في التفكير الرغبة في حل المشكلات المختلفة والتي تبدأ بحب الاستطلاع وطرح الأسئلة حول الجوانب المتعددة لعملية التفكير في مشكلة ما لفهمها والعمل على معالجتها وحلها بالإضافة الى الإرادة والمثابرة للمتابعة بالعمل على الوصول للهدف من خلال عدة طرق وأدوات مساعدة مع عدم اهمال أهمية المهارات الأخرى مثل دقة الملاحظة والاستماع الجيد واستخدام مهارات التفكير بشكل جيد

تتعدد العوامل وتختلف التأثيرات، لكل منها دور في تلك العملية

 

من حيث العوامل المجتمعية:

  • البيئة: حيث ان البيئة تلعب دورا هاماً في نمط التفكير، فهناك اشخاص ينشئون في بيئة هادئة وداعمة بعيدة عن المثيرات المزعجة تؤثر على تفكيرهم بطريقة أسهل يمكن ان يجعل ذلك منهم اشخاص قادرين على انتاج أفكار متطورة، بينما ترى ان هناك اشخاص اقل قدرة على التفكير وانشاء الرأي السليم وذلك يعود لتنشئتهم ببيئة مغايرة لتلك
  • أساليب التعلم: حيث ان أساليب التعلم تؤثر على الافراد وتعتبر الركيزة الأساسية للتفكير، فأسلوب التعليم القائم على التحليل المنطقي والنقاشات والتطبيقات العملية يعكس قدرة الفرد على التفكير

 

  • المستوى الاقتصادي: يلعب الدور الاقتصادي تأثيرا كبيرا في عمليات التفكير من حيث وجود المساحة التي تجعل الفرد قادر على التفكير من دون معوقات وضغوط تجعله يتجنب ذلك ويطلق احكام دون الرجوع ودون الوقوف عند نتيجة او سبب ومن حيث انه هناك نوع يسمى بالتفكير الاقتصادي غالبا ما نفتقره في واقعنا وهو ما يساعد عندما يتوفر على تحقيق النجاحات المدروسة بناء على المقدرات العقلية والتي تكون الدافع في التقدم والتطور

 

  • المستوى الثقافي : لابد من النظر الى البيئة بكل مكوناتها , احدى هذه المكونات ” الثقافة ” , لك بلدة او منطقة عدد من القيم والعادات والتقاليد يجعل منها كينونة متفردة بسلوكيات افرادها , والسلوكيات ناتجة عن دوافع وحاجات الانسان , لذا تلك العملية كاملة تجعل منه ابن البيئة والثقافة المحددة التي تنظر الى المواقف بطريقة مخصصة يمكن ان تكون عميقة او سطحية او تحمل الاثنين بجزئيات مدروسة وربما هي لا تعطي تحليل بناء على العمليات والاحداث بل تلجأ للتفسير الخرافي وللظواهر الكونية الغريبة والتي لا تحمل توضيحات كافية

 

من حيث العوامل الذاتية:

 

  • التقييم الذاتي: قبل ان تبدأ عملية التفكير دائما ما يكون الفرد منطلق من ذاتيته، اهتمامه، نزعته، تفرده، اختصاصه، وهكذا، فهو يجعل من كل ما يحمل من خواص متعلقة به وتميزه عن غيره منطلق أساسي للتفكير وهي بالطبع تختلف من فرد لأخر لهذا لابد ان تترك أثرها في الاختلاف بين الافراد

 

  • القابلية للتعلم: حيث انه لا يمكن لعقل لا يقبل بعمليات التفكير ومنغلق على ذاته ان يكون شبيه العقول المنفتحة على العلم وتراكم الخبرات والبحث والتحليل حول القضايا المحيطة به

 

  • الأمان النفسي والحرية: انعدام الأمان يخلق متاهات لدى الافراد، احداها يتجلى في انعدام الثقة وهذا يُدخلنا الخوف الذي يسيطر علينا ويتملكنا ويبدأ بترك أثره على اعمالنا بالمجمل ويجعل نظرتنا للواقع مختلفة لا تُبنى على التحليل كما لو كان الفرد بحالة امان واطمئنان فهاجز الخوف يُغير من مدركاتنا حتى ويضع الخطوط والحدود التي لا نعد نستطيع ان نتجاوزها

 

المحور الرابع: معوقات التفكير

 

  • بالأسطورة والخرافة، حيث انها تحمل الكم الأكبر من الأهمية وخاصة في مجتمعاتنا العربية فنحن على استعداد لجعل جل ما يحدث من ظواهر وتغيرات سواء مناخية او بيئية او حتى على مستوى الاقتصاد والسياسية بأن يأخذ طابع التفسير المبني على الخرافات والتأويلات والتفسيرات سابقة الصدر دون اللجوء لاستخدام تفسيرات أكثر منطقية وأقرب من الحقيقة والدليل الواضح على إخفاق التعليل الغائي للظواهر الطبيعيـة هـو أن  هذا التعليل كثيرا ما يتخبط ويتناقض: ففي الوقت الذي يعتقد فيه البعض ان المطر يسقط من أجل ري زراعته يرى البعض الآخر أنـه يـسـقـط لـكـي   يروى ظمأه أو ظمأ ماشيته ويرى غيـرهـم أنـه يـسـقـط لـكـي يـصـنـع بـركـة   يستحم فيها بينما يرى صاحب الكوخ الهش أن سقوط المطر نقمة عليـه.

وحتى الفيضان أو الزلزال الذي يبدو أنه لا يمكن أن يفسر إلا بأنه نقمة   لا يصيب الأشرار وحدهم وإنه تضيع فيه أرواح بـريـئـة كـمـا تـضـيـع فـيـه أرواح آثمة بل أن الأرواح البريئة-كما في حالة الأطفال والمسنين مثلا كانت أكثر تعرضا للضياع فيه من الأرواح الآثمة. [4]

 

  • الخضوع للسلطة: فنحن دائما نرى السلطة هي المصدر الذي لا يناقش والذين نخضع له بناء على ايماننا بأن رأيه هو الكلمة النهائية وبأن معرفته تسمو على معرفتنا، ذلك ما يجعلنا نتجه نحو اعطال عمليات التفكير العقلية بشكل مباشر وغير مباشر ودون إدراك للكوارث الناتجة عن ذلك أشهر أمثلة السلطة الفكرية والعلمية في التاريخ الثقافي هي شخصية أرسطو. فقد ظل هذا الفيلسوف اليوناني الكبير يمثل الـصـدر الأسـاسـي للمعرفة في شتى نواحيها، طوال العصور الـوسـطـى الأوروبـيـة، أي طـوال أكثر من ألف وخمسمائة عام. كذلـك كـانـت كـثـيـر مـن قـضـايـاه تـؤخـذ بـلا مناقشة في العالم الإسلامي، حيث كان يعد «المعلم الأول» وإن كان بعـض العلماء الإسلاميين قد تحرروا من سلطته في نواح معيـنـة، ولا سـيـمـا فـي ميدان العلم التجريبي

 

  • الانكار لقدرة العقل: ففي مجال الفن والشعر والادب يهيب الانسان بقوى أخرى غير العقل، قد يسميها الخيال او الحدس، ويؤمن عن حق بأن هذه القوى هي التي توجهه في هذا المجال، لأن المنطق العقلي الدقيق يعجز عن الاخذ بيدنا حينما نكون بصدد ابداع عمل فني او ادبي. ولكن المشكلة هي ان بعض المفكرين يعتقدون ان أمثال هذه القوى تصلح مرشدا لنا في ميدان المعرفة ذاته، وينكرون قدرة العقل في هذه الميدان، او يجعلون له مكانة ثانوية. ومثل هذه التفكير كان، ولا يزال عقبة في طريق تقدم العلم لأنه تفكير يفتقد للبنى الأساسية للانطلاق منه بشكل منطقي بناء على تحاليل واستنادات

 

  • التعصب: يمكن تعريف التعصب على أنَّه الشعور الذي ينبع من داخل الإنسان، ويظهر على صورة تشدّد لما يراه صحيحًا من وجهة نظره ودون الأخذ برأي الآخر ومعتقداته، إذ يرى المتعصب نفسه على حق بشكلٍ دائم والآخرين على باطل دون أن يمتلك الحجة والبرهان على ذلك، وهذا ما يعطل عمل المدركات العقلية تجاه الاحداث ويجعل اصدار الاحكام بمعزل عن الحجة والبراهين، هي تصدر من وجهات نظر مبنية على اراء شخصية بمعدل أكبر بكثير من استنادها للتحليل والتفسير المنطق

 

  • الاعلام المضلل: وهو ما كان شائعا وأصبح شائعا بدرجة أكبر، حيث لم يعد هناك أحيانا مجال للتمييز بين الحقيقة والمزيف الا من خلال القيام بعمليات عقلية تتطلب ان نحلل ونفسر ونبني ونتذكر ونربط ونفكر بطريقة ويذهب “جون دولارد” إلى أنه بالإمكان – عن طريق بضعة افتراضـات معينـة ,تحديد نوع الأفكار والآراء التي سيعتنقها شخص مـا ً ً تحديـدا مسـبقا قبـل مولـده، إذا نحن درسنا تراثه الثقافي، والحجة التي يسوقها “جون دولارد” للبرهنة عـلى ذلـك هـي أننا كلما ازددنا فهما  ومعرفة بالطبقة التي ينشأ من خلالها الفرد، وتراثه الثقافي، ازددنا قدرة على تحديد خصائص هذا الفرد[5]

 

وذلك يكمن بالاستعانة والاعتماد الأكبر على ما تبثه وسائل الاعلام وكيفية بثه للعمل على السيطرة على ما يمكن ان يفكر به الفرد وما يمكن ان يشغله ويكون من اهتماماته بالطريقة التي يتم تحديدها له , أي ان تختار وكأنك اخترت بنفسك ولكنك لا تملك الخيار , وكما قالت حنة ( نحن نُدجن على ان نرى ظروف  الصحراء هي الحالة الطبيعية ) تلك الظروف التي يخلقها الاعلام المضلل في سبيل تحقيق هدف السيطرة وإيقاف عمليات التفكير لخدمة النظم القمعية والسلطوية

 

  • شدة التعلق بالقديم: رغم كل عمليات التطور العلمي والدراسات الحديثة التي تبذل كل ما بوسعها لتصحيح الأفكار المغلوطة في الزمن السابق التي كانت أيضا موجهة لسلوك الافراد   ومحددة لطريقة تعاملهم مع المحيط حولهم مثل تناول الأعشاب للشفاء من مرض ما ولربما كانت تحمل جزءا من الحقيقة الا انه مع التطور والدراسات الأخيرة كان هناك ما يثبت نفيها او عدم النفع بالأخذ بها ورغم ذلك لم يكن هناك تغير ملحوظ بسلوك الافراد تجاه تلك الأفكار السابقة وهذا يعطي دليل على انه هناك تعطيل للمدركات العقلية وعمليات التفكير من قبل الافراد بشكل مقصود او غير مفصود

 

المحور الخامس: أنواع التفكير

 

التفكير: هو الأسلوب الذي يعالج به الانسان المعلومات والأفكار حتى يمكنه فهم العالم الذي يحيط به. والتفكير نشاط عقلي هادف يمكننا من تقدير المشكلات وحلها كما يمكننا من

تفسير البيانات وصناعة او اتخاذ القرارات وفهم الأفكار والمفاهيم ز ويتخذ التفكير اشكالا عديدة منها [6]

 

التفكير المنطقي: المنطق هو دراسة مبادئ الاستدلال والتفكير. وهو يعنى في المقام الأول ببنية الجدل والعلاقات بين الأفكار ويعني التفكير المنطقي اذن استخدام عمليات فكرية

واضحة وسليمة ومعقولة

 

التفكير الإبداعي: الابداع ليس عملية محتكرة على الفرد بل أيضا على الجماعات والمؤسسات رغم الاختلاف بينهم الا انه يجب توضيح هذه النقطة حيث ان منطق كلمة ابداع يدلنا

دائما على الدقة والاتقان في العمل مهما كان هذا العمل وتلك الدقة لم تأتي عن عبث بل كانت نتاج تدريب عقلي على عدة أدوات والعمل بها وذلك يعدة مجالات مختلفة

 

التفكير العلمي: يُشير مفهوم التفكير العلمي (بالإنجليزية: scientific thinking) إلى التفكير في محتوى العلم        ومجموعة العمليات المنطقية التي تتخلّله؛ كالاستنباط، والتصميم التجريبي، والاستدلال السببي، وتكوين المفاهيم، واختبار الفرضيات، وغيرها من العمليات التي تسعى لإيجاد حلّ لمشكلة معينة [7]

فالتفكير العلمي يسعى الى فهم ظاهرة او حدث ما من خلال تكوين فرضية علمية واختبارها عن طريق مطابقة تنبؤات الفرضية بالوقائع او المشاهدات التي تعبر بها الظاهرة عن نفسها

 

التفكير التوفيقي: يتميز صاحبة بالمرونة وعدم الجمود، والقدرة على إدراك الطرق التي يفكر بها الاخرون، فيبين رضاه عن أفكارهم ويغير من أفكاره؛ ليجد طريقة تجمع في المنتصف

طريقته في المعالجة مع أسلوب الاخرين

 

التفكير التأملي: يقصد به تأمل الانسان للموقف الذي امامه وتحليله الى عناصر، ورسم الخطط اللازمة لفهمه، بهدف الوصول الى النتائج التي يتطلبها الموقف، ثم تقويم النتائج بناء

على الخطط الموضوعة

 

التكفير الخرافي: يمكن القول انه النوع العائق امام تحرر وجود التفكير النقدي، حيث ان التفكير الخرافي

 

التفكير التسلطي: هو تفكير يتمسك صاحبه بالأفكار المتطرفة والمغلقة التي تتميز بالثبات والتصلب والميل الى القبول المطلق او الرفض المطلق، مع مقاومة التغيير وعدم تحمل الغموض

 

التفكير الحسي: هو من اسهل أنماط التفكير، حيث يتعامل الانسان مع ما يستطيع مشاهدته او سمعه فقط، بمعنى ان المثيرات الحسية لابد ان تكون مصاحبة لعملية التفكير، هذه

الشكل من التفكير يعتمد على التآزر الحسي الحركي تجاه المواقف والمثيرات، مما يجعل تفكير الانسان مسيطر عليه من خلال هذا التآزر

 

التفكير الاستكشافي: يتم من خلال العمل على ربط العلاقات، والسعي لاكتشاف الأشياء، وتفسيرها باستخدام أسلوب طرح الأسئلة الجيدة حول المواقف الجديدة التي يتعرض لها

الانسان في حياته

 

التفكير التباعدي: هو التفكير الذي يحتوي انتاج متنوع من الحلول والاستجابات المختلفة، دون تقييد تفكير الانسان بأسس محددة مسبقا كالتفكير الإبداعي

 

التفكير التقاربي: يجب على الانسان في هذا النمط انن يتجه وفق خطة مرتبة تستند الى أسس محددة مسبقا، لتؤدي الى نتيجة محددة، كالتفكير الناقد

 

التفكير الناقد: عرّف الدكتور معن زيادة التفكير الناقد بأنّه مجموعة من المهارات التي يكتسبها الفرد لتساعده على إمكانية التحليل الموضوعي للأخبار والمعارف، بالشكل الذي يصبح

فيه قادرًا على التمييز بين الفرضيات والتعليمات، وبين الحقائق والآراء بطريقة منطقية وواضحة.

 

التفكير الاستنباطي: وهو عملية استدلال منطقي، تستهدف التوصل لاستنتاج ما او معرفة جديدة بالاعتماد على فروض او براهين او معلومات متوافرة[8]

 

المحور السادس: اهمية التفكير النقدي

 

التفكير الناقد هو مهارة تفكير عامة للمجال، هذا يعني أنه بغض النظر عن المسار أو المهنة التي تتبعها، فإن هذه المهارات ستكون دائمًا ذات صلة وستكون مفيدة دائمًا لنجاحك. فهي

ليست خاصة بأي مجال، لذا مهما كان توجهك فانت لست بمعزى عن التعامل بطريقة التفكير النقدي، أيضا من أجل التعبير عن أنفسنا بشكل أفضل، نحتاج إلى معرفة كيفية التفكير

بوضوح ومنهجية وهذا يعطي دليل اكبر على أهمية التعامل بالتفكير النقدي أيضا يجعلنا نسمح لأنفسنا ليس فقط بحل المشكلات ولكن أن نلجأ لابتكار أفكار جديدة،” أيضا فهو يسهم في

بناء شخصية موضوعية وفاعلة في المجتمع تتخذ من المواطنة الحقيقة شعارا لها[9]

 

اننا عندما نفكر تفكيرا نقديا، فإننا نجري تقييما للعوائد الناتجة من عمليات تفكيرنا، كيف اتخذ قرار جيد، او كيف وجدت مشكلة ما طريقها الى الحل، والتفكير النقدي يتضمن أيضا تقييما

لعملية التفكير كما أشرنا من قبل، والمنطق الذي سار بنا الى ما وصلنا اليه، او نوعيات العوامل التي اخذت في الاعتبار خلال صناعة القرار. اما كون التفكير النقدي تفكيرا هادفا، فذلك

لإنه يركز على الوصول للنتيجة المرغوبة م[10]

 

 

 

 

المحور السابع: أهمية التفكير النقدي

 

يمثل التفكير النقدي أداةً جوهرية في حياة الأفراد والمجتمعات، حيث يسهم في تعزيز القدرة على اتخاذ قرارات مستنيرة مبنية على التحليل المنطقي والموضوعي. في ظل تعقيد

الحياة الحديثة وتدفق المعلومات الهائل، يُعتبر التفكير النقدي مهارة لا غنى عنها للتمييز بين الحقائق والمعلومات المضللة، ما يعزز من القدرات التحليلية للأفراد لمواجهة التحديات

اليومية.

 

 _ دور التفكير النقدي في اتخاذ قرارات مستنيرة

تُعد عملية اتخاذ القرارات جزءًا لا يتجزأ من الحياة اليومية، سواء كانت قرارات شخصية أو مهنية. التفكير النقدي يساعد الفرد على تحليل الخيارات المتاحة بناءً على الأدلة والبراهين، مما

يؤدي إلى اتخاذ قرارات مدروسة بعيدًا عن الانفعالات أو التحيزات الشخصية. على سبيل المثال، أشار بول وإيلدر إلى أن التفكير النقدي يمكّن الأفراد من فحص الحجج وتقييم مدى صحة

البيانات قبل اتخاذ قرار نهائي (Paul & Elder, 2006, p. 15). في بيئة العمل، يمكن للفرد استخدام هذه المهارة لتحليل الخيارات المهنية المتاحة واتخاذ قرارات تعود بالنفع على مستقبله

الوظيفي.

 

 _أهمية التفكير النقدي في الحياة الأكاديمية

 

يعد التفكير النقدي عنصرًا أساسيًا في تطوير الأداء الأكاديمي. يسهم في تمكين الطلاب من تحليل النصوص وتقييم البراهين بشكل منهجي. بحسب فاسيون (2011)، “التفكير النقدي

هو القلب النابض للتعلم الجيد”، إذ يساعد الطلاب على فهم النصوص بعمق أكبر وتحليل المعلومات المقدمة بطريقة نقدية من خلال هذه المهارة، يتمكن الطالب من تحديد نقاط القوة

والضعف في الحجج المطروحة، مما يسهم في تعزيز جودة الأداء الأكاديمي وتقديم رؤى جديدة.

 

_ التفكير النقدي كأداة لمواجهة المعلومات الخاطئة:

في ظل الانتشار السريع للمعلومات عبر الإنترنت ووسائل الإعلام الاجتماعية، أصبح التفكير النقدي أداة لا غنى عنها للتمييز بين الحقائق والمعلومات المغلوطة. حسب دراسة أجراها

باركر (2020)، “يُعتبر التفكير النقدي العامل الأساسي في تحديد مصداقية المعلومات على الإنترنت”، حيث يمكّن الأفراد من تقييم المصادر والتأكد من مصداقيتها قبل قبولها كحقائق.

في أوقات الأزمات، مثل جائحة COVID-19، ساهم التفكير النقدي في تمكين الأفراد من فرز المعلومات الصحيحة عن الشائعات، مما أدى إلى اتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على حقائق

علمية.[11]

 

_ أهمية التفكير النقدي في الحياة المهنية:

في العصر الحديث، يُعد التفكير النقدي أحد المهارات الرئيسية التي يبحث عنها أصحاب العمل. يوضح بروكفيلد (2012) أن التفكير النقدي يساعد الموظفين على التكيف مع بيئات العمل

المتغيرة وحل المشكلات بشكل إبداعي على سبيل المثال، يمكن للموظف الذي يتمتع بمهارات التفكير النقدي تحليل المواقف المعقدة والتوصل إلى حلول مبتكرة. هذه المهارة لا

تساعد فقط في اتخاذ قرارات أفضل، بل تساهم أيضًا في تحسين الأداء الفردي والجماعي.

 

_ خاتمة المحور

في الختام، يُعد التفكير النقدي عنصرًا أساسيًا لتحسين جودة الحياة الشخصية والمهنية. من خلال قدرته على تعزيز التحليل المنطقي واتخاذ القرارات المستنيرة، يسهم التفكير النقدي

في مواجهة التحديات اليومية وتجنب المعلومات الخاطئة، مما يعزز الاستقرار الاجتماعي والثقافي. لذلك، من المهم تعزيز مهارات التفكير النقدي لدى الأفراد والمجتمعات.

 

 

 

المحور الخامس: أهمية التفكير النقدي في التعليم:

 

أصبح التفكير الناقد من أهم أهداف التربية المعاصرة في مختلف الأنظمة التربوية في العالم , فهو يقود المتعلمين الى فهم اعمق للمحتوى المعرفي الذي يتعلمونه ,حيث يتحول المتعلم

عند توظيف التفكير الناقد في العملية التعليمية من متلق سلبي للمحتوى التعليمي الى متعلم إيجابي متقن له وينمي لدى المتعلمين روح التساؤل والبحث , وعدم التسليم بالحقائق

دونما تحقق وتمحيص ويجعل الافراد متقبلين للتنوع المعرفي , ومرنين بشكل افضل , وقادرين على توظيف ذلك في سلوكياتهم اليومية  وعلى صعيد المعلمين فهو يحسن قدرة

المعلمين في مجال التدريس وإنتاج منجزات عملية قيمة ومسؤولة ويشجع على خلق بيئة صفية مريحة تتسم بحرية الحوار والمناقشة الهادفة ويسهل من قدرة المعلمين على انتاج

أنشطة تسمح لطلبتهم بممارسة هذه المهارات في الغرف الصفية

 

وعلى مستوى المتعلمين فهو يطور لديهم التربية الوطنية المثالية والحس العالي بالمجتمع المحيط والتفاعل معه والسعي لرقيه وتقدمه وينمي شعورهم بالمشاركة السياسية ويحسن

من تحصيلهم بالمواد الدراسية المختلفة ويكسبهم تعليلات صحيحة ومقبولة للمواضيع المطروحة في مدى واسع من مشكلات الحياة اليومية ويعمل على التقليل من الادعاءات الخاطئة

لديهم بالإضافة الى انه يساهم بجعلهم يراقبون تفكيرهم والعمل على ضبطه ليساعدهم ذلك في صنع القرارات الهامة في حياتهم

 

 

قائمة المصادر والمراجع:

[1] عبد الكريم بكار، “خطوة نحو التفكير القويم”، 102.

[2] إبراهيم الكوني

[3] مالك بن نبي

[4] زكريا، فؤاد. “التفكير العلمي.”: 52.

[5] عبد الحليم، محي الدين. “الرأي العام.” مكتبة الأنجلو المصرية: 74.

[6] الشيمي، حسن عبد الرحمن. “المعلومات والتفكير النقدي.”: 25.

[7] الفنش، تماضر. “ما التفكير العلمي.” 20 ديسمبر، 2021.

[8] الشمري، عفاف عليوي سعد، وهياء آل رشيد. “التفكير الناقد.” مجلة العربية للنشر العلمي، 2021.

[9] الشمري، عفاف عليوي سعد، وهياء آل رشيد. “التفكير الناقد.” مجلة العربية للنشر العلمي، 2021.

[10] الشيمي، حسن عبد الرحمن. “المعلومات والتفكير النقدي.”: 31.

[11] دراسة أجراها باركر (2020)،

شارك المقال :

فيسبوك
واتسأب
تلجرام
اكس (تويتر)

مقالات قد تعجبك :

عقد مركز سوريا للدراسات والتنمية ندوة حوارية بعنوان “الموقف الأمريكي تجاه سوريا في ظل خطاب الرئيس السوري في الأمم المتحدة”…
التعصب القومي جدار عازل يُطفئ نور الأمة ويبعثر قوتها، أما العقيدة الجامعة فهي الجسر الذي يوحّد تنوعها ويُشعل حضارتها من…
تصعد تركيا ضد إسرائيل عبر مقاطعة تجارية ودبلوماسية نشطة ودعم قانوني دولي، كما تعزز نفوذها الإنساني والجيوسياسي وتدفع نحو إقامة…

القائمة