تقع مساكن السومرية غرب العاصمة دمشق، عند بداية طريق بيروت، مقابل مطار المزة العسكري. وهي مقامة على أرض أملاك دولة، وتعد مساكن عسكرية خاصة بالعناصر وصف الضباط، بناها رفعت الأسد في نهاية
السبعينات لتكون مساكن لعائلات عناصر سرايا الدفاع، وتحديداً من الطائفة العلوية الذين جلبهم من قرى الساحل. كما بنى ضاحية سكنية راقية خاصة بالضباط ليست بعيدة عنها في المزة فيلات، عُرفت بـ “ضاحية
الفرسان” أو “فلل الضباط”، إذ كان يُطلق على ضباط سرايا الدفاع لقب “الفرسان”.
أطلق عليها رفعت الأسد اسم “مساكن السومرية” لإعجابه بالحضارة السومرية، واحتفالاً بمولوده الجديد آنذاك والذي أسماه “سومر”.
بعد أزمة رفعت الأسد مع أخيه حافظ الأسد، وخروجه من سوريا، وحلّ سرايا الدفاع وتسريح الكثير من ضباطها وعناصرها، بقي سكان المساكن فيها حتى يُنظر في أمرهم، وكونهم لا يملكون مكاناً آخر للسكن.
تحولت السومرية فيما بعد إلى سوق للمواد المهرّبة، يتذكره كل سكان العاصمة (أغذية، ألبسة، أحذية، كهربائيات، سجائر، مشروبات روحية). حاول بعدها حافظ الأسد إخلاءها ليمنحها للفرقة الرابعة، لكن سكانها
الموالين لرفعت الأسد والناقمين على السلطة رفضوا أوامر الإخلاء، وحدثت عدة إشكالات وصلت إلى حد الاشتباك المسلح. فقاد باسل الأسد حملة عسكرية عليها عام 1992، وحاصرها بالدبابات، وقطع طريق بيروت،
وبدأ بإزالة سوق التهريب واعتقال المسلحين العلويين المتمردين، حتى تدخلت أطراف من الطائفة العلوية ومتنفذون طلبوا من حافظ الأسد غضّ الطرف عنهم وضمهم إلى الفرقة الرابعة للاستفادة منهم.
بعد وضع الفرقة الرابعة يدها على مساكن السومرية، تحولت المساكن إلى بؤرة للتجاوزات، مثل فتح المحال والبناء دون ترخيص، والتعدي على خطوط الماء والكهرباء، وتأجير الشقق، وتجارة الخمور والمخدرات. ول
م تكن الشرطة أو قوات الأمن تجرؤ على دخولها، لأن المسؤول عنها كان مكتب الأمن في الفرقة الرابعة.
مع اندلاع الثورة السورية، وكون مساكن السومرية يقطنها عسكريون من الطائفة العلوية الموالية للنظام، تحولت المساكن إلى ثكنة عسكرية وبؤرة لتجنيد الشباب والشبيحة، فوزع عليهم السلاح، وكانوا يتحركون بقوافل
لقمع المظاهرات. ويعرف أهالي المزة والمعضمية وداريا تماماً من هم شبيحة السومرية ودورهم في القمع والتعذيب.
حتى سقوط النظام، كان يقطن في مساكن السومرية عناصر وضباط من الفروع الأمنية والقطعات العسكرية ، شاركوا في قمع الشعب السوري، وإرهابه، واعتقال الشباب، وقمع المظاهرات، وحصار المناطق، والاشتراك
في القتال، وارتكاب الجرائم، ونهب بيوت وأرزاق السوريين وبيعها فيما سُمّي لاحقاً “سوق السنة”.
ولا صحة لما يُشاع عن أن مساكن السومرية تُعد حيّاً من أحياء دمشق، أو أن سكانها يملكون منازلهم فهذه المساكن هي تجمعات سكنية عسكرية أُنشئت على أرض تعود ملكيتها للدولة، وسُكّنت بالعسكريين دون
عقود ملكية أو سندات، كأمر واقع لا أكثر. وبالتالي، فإن الدولة تملك كامل الحق القانوني في إخلاء هذه المساكن أو إزالتها متى شاءت، باعتبارها ليست ملكاً خاصاً لقاطنيها.