بدأت الهيكلة الفعلية لوزارة الدفاع السورية في الثامن والعشرين من شهر ديسمبر 2024، بقرار ترقية وزير الدفاع الحالي “مرهف أبو قصرة” ورئيس الأركان الجيش السوري “علي نور الدين النعسان” إلى رتبة لواء، وترقية
خمسة ضباط إلى رتبة عميد، و42 ضابطاً إلى رتبة عقيد، حيث شكل هذا القرار النواة الأولى لجيش سوريا الجديد، والتي تلاها تشكيل الفرق العسكرية في عملية دمج لفصائل الجيش الوطني والفصائل الثورية العاملة
في إدلب، في عشرين فرقة عسكرية تتوزع بحسب متطلبات الجغرافيا السورية بقوام 12000 مقاتل لكل فرقة عسكرية، وربما تواجه عملية التحول من فصائلية عصبوية إلى جيش محترف جملة من التحديات والمعوقات،
الأمر الذي أدى إلى تأخر عملية إعادة الهيكلة. ونعتقد أن عملية إعادة الدمج قد تترك آثاراً متوسطة وبعيدة المدى
الفِرق العسكرية.. القادة والتوزع الجغرافي:
شكلت وزارة الدفاع السورية ضمن هيكلتها الحالية عشرين فرقة عسكرية، تشكل مادتها الرئيسية الفصائل الثورية التي كانت ضمن غرفة “إدارة العمليات العسكرية”، وعلى رأسهم هيئة تحرير الشام وغرفة عمليات
“فجر الحرية”، التي ضمت أغلب فصائل الجيش الوطني، وانطلقت هذه الغرفة بعد أيام من إطلاق عملية درع العدوان، وتم دمجها ضمن خطة عمل وإحصاء دقيق، وبإشراف لجنة مراقبة تتبع للجنة “إعادة الهيكلة”، فتم
تشكيل الفرق العسكرية على النحو التالي:
فرقة دمشق: أُسندت قيادة هذه الفرقة إلى العميد عمر محمد جفتشي، وهو أحد الذين تضمنتهم حركة الترقيات العسكرية في ديسمبر الماضي.
الفرقة الثانية: تتوزع في منطقة الكسوة بريف دمشق الجنوبي، قوامها من “الجبهة الوطنية للتحرير”.
الفرقة:76 مقرها في محافظة حلب، وعُيّن العميد سيف الدين بولاد -الملقب “أبو بكر” قائداً لها، بولاد كان في الأصل ضمن ضباط المخابرات السورية، وانشق عنها عام 2011، وأصبح قائداً لفصيل الحمزة.
فرقة إدلب: تتولى تأمين محافظة إدلب، وعُيّن محمد غريب -الملقب أبو أسد الحوراني- قائداً لها، وهو أحد قادة فيلق الشام سابقاً.
الفرقة 52: تتمركز بشكل مؤقت في محافظة حمص، يقودها حالياً العميد “هيثم العلي”
الفرقة 70: تتمركز بشكل عام في ريف دمشق، ولم يكتمل تشكيلها حتى الآن، حيث عُيّن العقيد ضرار هيشان، قائداً للواء 76 في هذه الفرقة، ويوسف الغزاوي، قائداً للواء 72، في حين تولى قيادة أركان هذه الفرقة
علي عبد الباقي، وهو قيادي بالجيش الوطني.
الفرقة 103: تتمركز في محافظة حمص، ويقودها العميد هيثم العلي، وكان يتولى قيادة لواء “علي بن أبي طالب” في هيئة تحرير الشام.
الفرقة 60: تتمركز في محافظة حلب، وعُيّن “صالح عموري” أبو نافع قائداً للواء حلب وريفها ضمن هذه الفرقة.
الفرقة 62: ومقرها في محافظة حماة، وعُيّن العميد “محمد جاسم” قائداً لها، وهو في الأساس قائد فرقة “السلطان سليمان شاه”.
الفرقة 74: تتمركز في محافظة حماة، وعُيّن العميد جميل الصالح قائداً لها، وهو ضابط منشق عن الجيش السوري برتبة رائد، وقاد سابقاٍ فصيل “جيش العزة”، في نطاق ريف حماة.
الفرقة 25: وتتمركز في محافظة حماة، وغير معلن حتى الآن عن تبعيتها، لكنها أسوة بباقي الفرق مازالت في طور التشكيل.
الفرقة 40: وتتمركز في محافظة درعا، وعُيّن العقيد “بنيان الحريري” قائداً لها، وهو أحد القادة الميدانيين في حركة أحرار الشام.
الفرقة 66: تتمركز بشكل أساسي في محافظة دير الزور، وعُيّن العميد “أحمد المحمد” قائداً لها.
الفرقة 72: ستتمركز هذه الفرقة في مدينة حلب، ولم يُعلن عن قيادتها حتى الآن، لكن عُيّن “دوغان سليمان”، قائداً لأحد ألوية هذه الفرقة، وهو في الأصل قائد فرقة “السلطان محمد الفاتح”، إحدى فصائل الجيش الوطني السوري.
الفرقة 80: ستتمركز هذه الفرقة أيضاٍ في محافظة حلب، وعُيّن العقيد “خالد العمر” قائداً لها، وهو في الأساس قائد اللواء الثالث ضمن صفوف فيلق المجد، العامل ضمن صفوف الجيش الوطني شمالي حلب.
الفرقة 86: عيّن العميد أحمد الهايس قائداً لهذه الفرقة، ومن مهامها حماية محافظات الحسكة والرقة ودير الزور.
الفرقة 42: تتمركز هذه الفرقة في البادية الوسطى -مدينة تدمر وشرق حمص- وعُيّن العقيد “رائد عرب” قائدا لها، بجانب قيادته للفرقة 118، وهي فرقة متخصصة في المدرعات تتمركز في ريف حمص الشرقي، وقد
كُلّف إسماعيل أبراهيم العمر بإدارة عمليات الفرقة 42، حيث يشرف على تدريب عناصرها، وتخرّجت أول دفعة من دفعات هذه الفرقة في مايو 2025، في تخصص الهندسة العسكرية.
الفرقة 50: لا تتوفر معلومات كافية حولها، لكن نفذ لواء القوات الخاصة في هذه الفرقة تدريبات في مايو 2025.
الفرقة 56: يقع المقر الرئيس لهذه الفرقة في مدينة طرطوس بالساحل السوري، ومازالت طور التشكيل.
تحديات عمليات الهيكلية:
مقارنة بالتجارب التاريخية التي تحولت فيها الفصائل والحركات التحررية، من حالة فصائل ما دون الدولة إلى جيوش تقليدية، فإنها تعرضت لصعوبات وتحديات واجهت عملية تحولها من حالة اللاانضباط بالمفهوم العسكري
لحالة الانضباط التام، ضمن هيكلية هرمية شديدة التنظيم، مثل تجربة الجيش الإيرلندي 1921، وجيش التحرير الوطني الجزائري، فإن التحديات التي تواجه وزارة الدفاع السورية في عملية إعادة الهيكلة تتمثل في:
تحديات على المستوى العقائدي:
يمثل تحدي التنوع الأيديولوجي فعلمية دمج فصائل وكتل عسكرية ذات توجه عقائدي وفكري متباين، تحتاج إلى عملية إعادة تأهيل فكري، بما يتناسب مع العقيدة العسكري للجيش السوري.
تحديات على المستوى السياسي:
يشكل تحديد طبيعة العلاقات المدنية – العسكرية، وتعريف الولاء في الجيش الجديد، وعلاقة الجيش بالسياسة وتحديد مستوى حضوره في العملية السياسية.
تحديات على المستوى الاقتصادي:
يمثل تأمين الكلف التشغيلية ” الرواتب، اللوجستيات، التسليح” في ظل عدم السيطرة على سورية المفيدة، وبسبب ضعف الموارد الحالية، حيث تقدر الموازنة الشهرية لتسيير الجيش لمليار ونصف المليار دولار شهرياً.
تحديات على المستوى القانوني:
وضع قانون المساءلة والمحاسبة، ووضع حدود لعلاقة ومهام الجيش مع بقية السلطات الأخرى قانونياً.
كما تواجه وزارة الدفاع السورية والحكومة بشكل عام إشكالية بقايا الجيش الذي تم حله، حيث يقدر عدد الضباط والأفراد الذين تم تسريحهم بعد عملية حل الجيش السابق ب 150000 ألف جندي، والتحدي هنا مزدوج
أمني-عسكري، حيث أن إبعاد هؤلاء العسكريين، ممن يمتلكون خبرات عسكرية دون إشراك في المؤسسات العسكرية والأمنية أمر قد يسهل استقطابهم نحو حواضن عسكرية خارج إطار الجيش الجديد، كميليشيا قوات
سورية الديمقراطية، وفلول النظام في السويداء أو الساحل، لذلك يجب أن يتم التعامل مع ملفهم من منظور أخر مغاير للسياسة الحالية تجاههم.